(1) سلسلة التنيهيات التأصيلية

سلسلة التنيهيات التأصيلية (1):

العلاقة بين العقيدة والعلوم الأخرى(1)

كلنا يعرف أن تدوين العقيدة كان مبكرا عن سائر العلوموأن أبواب العقيدة اكتمل الكلام فيها منذ القرن الثاني الهجرية فقد صنف حماد بن سلمة (ولد سنة 91هـ، وتوفي 167هـ) كتابا في الصفات .وصنف أبو عبدالله بن فروخ (ولد 115هـ وتوفي 175هـ كتاب الرد على أهل البدع) وذكر القاضي عياض للإمام مالك رحمه الله (ولد 93هـ توفي 173هـ) رسالة في القدر والرد على القدرية.

وتوالت المصنفات بغزارة ووفرة ولم تنقطع.ةوقد احتوت مصنفات الحديث كالصحيحين والكتب الأربعة والمصنفات والمستدركات وغيرها أبوابا كاملة في مسائل المعتقد ككتاب التوحيد والرد على الجهمية للبخاري وكتاب القدر وفضائل الصحابة والأحكام وغيرها من الأبواب العقدية.

كما صنفت الرسائل والكتب المفردة في جمع مسائل العقيدة كأصول السنة للحميدي شيخ البخاري وتلميذ الشافعي وابن عيينة وإمام أهل مكة. وأصول السنة للإمام أحمد بن حنبل إمام السنة. والسنة لعبدالله بن احمد بن حنبل. وكتاب الشريعة للآجري وشرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة للالكائي وغيرها.*** وما في هذه الكتب هو معتقد الصحابة والسلف الصالحين الذي اتفقوا عليه.

ولابد من ملاحظة مهمة، هي:أن هؤلاء المصنفين سجلوا معتقد السلف أخذا من أفواههم وتعبيرا بعباراتهم وأضافوا إليه أحيانا صياغته بأسوبهم. فجمعوا بين عبارة السلف من أفواههم وبين الصياغة المحكمة لهذا الفهم. وليس على هذا مزيد بيان ووضوح.

والملاحظة الثانية:أن العلوم الشرعية في تدوينها شاركت بعض أبواب العقيدة في مباحثها، ومن ذلك:• في علوم التفسير: عند تفسير آيات تتعلق بالعقيدة.علوم الحديث: عند شرح احاديث تتعلق بالعقيدة. وكذلك عند ذكر ضوابط الرواية في المصطلح كمباحث المبتدع في تصنيف الرواة.علوم الفقه: عند بحث مسائل المرتدين وقتال البغاة والخوارج وتنصيب الأئمة وخلعهم وغير ذلك من الباحث. وهو ما عرف فيما بعد بـ(السياسة الشرعية).

وسنواصل في الحلقة التالية من هذه الزاوية بحث مدى مشاركة هذه العلوم لمباحث العقيدة ومدى إصابة المصنفين فيها باعتبار أن أصل المرجعية هو مصنفات العقيدة الأولى الخالصة لمذهب السلف والمتمحضة له.(وهذا أمر مهم ومبحث تأصيلي خطير يحتاج إلى وعي وتجرد وعناية)